انتهاء المهلة الأمريكية يُفاقم عزلة البوليساريو.. والجزائر تحاول التدخل
انتهت في الرابع والعشرين من غشت 2025 المهلة التي منحتها الولايات المتحدة لجبهة البوليساريو بموجب مشروع القانون الأمريكي H.R.4119، الذي يفتح الباب أمام إمكانية تصنيف الجبهة كـ”منظمة إرهابية أجنبية”. هذه الخطوة تُعدّ نقطة تحول في مسار النزاع، إذ تعكس بوضوح نفاد صبر واشنطن إزاء تعنّت البوليساريو ورفضها الانخراط الجدي في المسار السياسي الذي تشرف عليه الأمم المتحدة.
انتهاء هذه المهلة لا يعني فقط ضغطًا دبلوماسيًا، بل قد يتطور إلى إجراءات عملية صارمة، مثل تجميد الأصول، فرض عقوبات على قادتها، وتتبع كل الجهات الداعمة لها ماليًا أو لوجستيًا. وهو ما يضع البوليساريو في عزلة غير مسبوقة على الساحة الدولية.
الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة إلى هذه الخطوة تتعلق أساسًا بارتباطات خطيرة للجبهة مع أطراف إقليمية مشبوهة، من بينها إيران وميليشياتها بالمنطقة، إضافة إلى صلات مع تنظيمات أخرى مثل حزب الله وميليشيات PKK/YPG. هذه المعطيات التي وردت في نص القانون نفسه، تُعزز الصورة السلبية للجبهة وتدعم التوجه الأمريكي نحو تصنيفها ككيان يهدد الأمن الإقليمي والدولي.
وفي المقابل، تحاول الجزائر الدخول على خط الأزمة عبر تحركات دبلوماسية لدعم الجبهة، كما تجلى ذلك في اللقاءات الأخيرة بالجزائر العاصمة بين مسؤولين جزائريين وقيادات من البوليساريو. غير أن هذه المحاولات تصطدم بتغير موازين القوى الإقليمية، وبالإجماع الدولي المتزايد على أن الحل الواقعي والعملي يكمن في مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
الولايات المتحدة، إلى جانب دول وازنة كفرنسا وإسبانيا وبريطانيا، أكدت أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تشكل الإطار الجاد والوحيد القابل للتطبيق لإنهاء النزاع، وهو ما يمنح المغرب دعمًا متزايدًا على الساحة الدولية، ويعزل خصومه أكثر فأكثر.
هكذا، يجد قادة البوليساريو أنفسهم اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الانخراط بجدية في المفاوضات وفق المرجعيات الأممية والاعتراف بأن الحكم الذاتي هو السقف الممكن، أو مواجهة عزلة وضغوط دولية تتفاقم مع مرور الوقت، خصوصًا بعد أن باتت ورقة “الانفصال” بلا سند سياسي أو قانوني يُعتد به.
إن المرحلة الراهنة تحمل في طياتها ملامح تحوّل استراتيجي كبير في قضية الصحراء المغربية، حيث لم يعد الصمت الدولي أو التردد قائمًا، بل هناك توجه واضح نحو دعم سيادة المغرب وحل النزاع وفق مقترحه الواقعي. والجزائر، رغم محاولاتها المكثفة، تجد نفسها اليوم في موقع دفاعي صعب أمام الإجماع الدولي المتشكل.
✍️ بقلم: د. سمير أشقر
